Monday, May 11, 2009



زويل يكتب عن .. ثروة الأمم وثورة الفكر



نشر دكتور أحمد زويل مقالا له في صحيفة الشروق قال فيه: كنت فى الماضى أختزل التفكير فى أسس التطور إلى السياسة والاقتصاد والآن أنا أكثر تقديراً للدور المهم للبعد الثقافي ، التفاعل الاجتماعى بين الأفراد له قوة تأثير تولد قوة جديدة هى قوة المجتمع.. وقوة المجتمع تحدد ثقافته ، هناك ثلاث قوى ثقافية تحدد إمكانية أن يكون المجتمع بناء: قوة المعرفة وقوة الحكم الرشيد وقوة المناخ والموارد الطبيعية لا يجب فهم نظرية توماس فريدمان أن «العالم مسطح» على أن الثقافات سواسية فى عصر العولمة.

التقدم ليس رفاهية وكل الشعوب التى ستفكر بتلك الطريقة لا يمكن لها أن تبنى ثروات.. لأن هناك علاقة طردية بين الاكتشافات العلمية والاقتصاد بل بقاء الشعوب أيضاً.

أهم صفات الحضارة الإسلامية فى الأندلس كان الالتزام بالرؤية والعدالة فكلمة القاضى كانت فوق كلمة الحاكم والقانون كان فوق الجميع.

أى نهضة فى العالم العربى لن تقوم إلا على الدستور والحكم العادل وتطبيق القانون على الجميع وتحديث العلم والثقافة مع الحفاظ على الهوية والعقيدة والقيم.

نحن فى أشد الحاجة إلى عودة الضمير وعودة الروح.. إن أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل أن تصنعه.

إن الإنسان بتركيبته العقلية المميزة يبحث دائما عن حياة أفضل، ومنذ بداية البشرية والبحث دائم عن ماهية مكونات الحياة الكريمة والتى تختلف من فرد إلى آخر ومن أمة إلى أخرى. فى العصر الحديث ــ وبالذات مع بداية الثورة الصناعية فى أواخر القرن الثامن عشر ــ كان لابد من صياغة جديدة للعوامل الدافعة للتقدم، وعلى الأخص عامل الثقافة والعامل الاقتصادى الاجتماعى فى التطور.

ظهرت مع فجر الثورة الصناعية دراسات أكاديمية كثيرة ولكن كان من أهم الكتب الرائدة كتاب «ثروة الأمم» الذى حتى الآن يجرى تداوله حول العالم، وهو كتاب للمفكر الأسكتلندى الشهير آدم سميث الذى ولد عام 1723 وتوفى عام 1790. وعند آدم سميث نظرية شهيرة فى الاقتصاد السياسى تقوم على أن الاقتصاد الحر هو الأساس فى تكوين ثروات الأمم.

وكان يعتقد ــ فى ذلك الوقت المبكر فى أواخر القرن الثامن عشر ــ أن الطريق الوحيد للتقدم هو حرية السوق والتنافس من أجل الإنتاج، والمثال الشهير الذى يضربه سميث لتوضيح أفكاره فى الرأسمالية هو: «إنك لاتحصل على العشاء هبة من الجزار أو الخباز.. بل هم يعطونك من أجل مصالحهم». أى أن التنافس بين الناس من أجل مصالحهم الخاصة هو الذى يصنع لنا المصلحة العامة أو المنفعة الجماعية.

لقد سيطرت أفكار آدم سميث لما يقرب من قرنين ومازالت، ولكن مياها كثيرة جرت فى علوم السياسة والاقتصاد وأصبح لدينا الآن حصاد وفير من أفكار ومقولات فى الاقتصاد والسياسة. ومع هذه النظرية الاقتصادية توازت نظريات سياسية تبحث فى نظم الحكم والتقدم الإنسانى عن طريق تطوير السلطة، وتعددت التساؤلات حول طبيعة نظم الحكم وطبيعة النظم السياسية. وأصبحت لدينا خريطة واسعة من الأفكار حول الديمقراطية والاستبداد، وحول الاشتراكية والرأسمالية ثم حول أنواع الاشتراكية وأنواع الرأسمالية، والتى تتباين كثيرا ما بين الرأسمالية الأمريكية المعتمدة على المنافسة الحادة والرأسمالية الإسكندنافية الأكثر اعتدالا فى السويد والنرويج.

كنت فى الماضى أختزل التفكير فى أسس التطور إلى هذين البعدين المهمين، السياسى والاقتصادى، لكننى أصبحت الآن أكثر تقديرا للدور المهم للبعد الثقافى، البعد الذى لا ينحصر فقط فى دور الكتب والصحف والسينما والمسرح، وإنما يشمل الدور المحورى لعادات وخصائص الشعوب.


الجين والإنسان والمجتمع
فيما يخص الإنسان يلعب الجين دورا محوريا، إن الحبل الجينى الخاص بالإنسان يحمل 3 مليارات حرف أو كلمة تشكل الكتاب الجينى. ويشترك الإنسان مع الشمبانزى فى أكثر من 95% كما يرى العلماء، وكل فرد منا لديه تركيبة جينية معينة، ونحن كبشر نشترك تقريبا فى أكثر من 99% من التركيبة الجينية، ولكن هذا الفارق البسيط المتبقى هو الذى يجعل شخصا ما يختلف عن آخر وبالتالى فإن التركيبة الجينية هى التركيبة التى تميز كل إنسان.

إن واحدا من أكبر اهتمامات العلم الآن هو البحث فى كيفية فك الشفرة الجينية لكل فرد منا. وكانت الميزانية المخصصة لحل الشفرة الجينية التى أعلن عنها «بيل كلينتون» وتونى بلير» فى البيت الأبيض عام 2000 عالية جدا، حيث تكلفت كل كلمة جينية دولارا واحدا لتصبح التكلفة الإجمالية لحل الشفرة ثلاثة مليارات دولار. إن العلماء الآن يبذلون جهدهم من أجل خفض التكلفة إلى أقل من ألف دولار لكل فرد. وتكمن أهمية التركيبة الجينية فى أنها تحدد الخصائص الشخصية مثل الملكات والمهارات والأمراض كما تساعدنا على تحسين سبل علاج الأمراض المختلفة. ولكن المجتمع ليس فردا واحدا وإنما هو مجموع أفراد لديهم صفات خاصة يتفاعلون فيما بينهم. هذا التفاعل الاجتماعى بين الأفراد له قوة تأثير تولد قوة جديدة هى قوة المجتمع، وقوة المجتمع هى التى تحدد ثقافتة. والعكس صحيح، فالثقافة تحدد قوة المجتمع. وهى إما أن تكون قوة بناء أو قوة هدم.

إننا إذا أخذنا بعض الأفراد ممن لديهم جينات مميزة ووضعناهم فى مجتمع غير بناء فلن يخرجوا بالكثير. وعليه فإن محصلة التفاعل بين أفراد المجتمع هى التى تحدد قوته الفكرية والإنتاجية.

إن الليزر على سبيل المثال قوة بناءة، وكل الذرات فيه تتفاعل معا لتخرج ضوءا أقوى من الشمس ــ فى فترة زمنية محددة ــ وله اتجاه محدد يشفى العين أو يسقط صاروخا. والخلية الإنسانية هى الأخرى تتكون من مليارات الذرات التى تتفاعل مع بعضها لتقوم بوظيفة معينة أو حركة معينة مثل رفع الذراع إلى أعلى أو النزول بها إلى أسفل. وإذا لم يقم بروتين واحد بوظيفته تتم الإصابة بمرض مثل «ألزهايمر».


الميم والثقافة والتقدم
لقد ذهب بعض العلماء إلى دراسات ما بعد الجين، أو دراسات « الميم». فقد خرج علينا «ريتشارد دوكنز» برؤية فى وحدة «الميم» أى وحدة الثقافة. وكلمة «الميم» كلمة يونانية تعنى التقليد وهى على وزن الجين، وهذا هو أول استخدام لها لهذا الغرض.

وعليه، فإن الميم هو عادات وثقافات ومعلومات الشعوب. ووحدة الميم تنتشر بسرعة كبيرة بين المجتمعات، وبنفس مفهوم الجينات. مثل النكتة التى تنتشر بسرعة داخل المجتمع المصرى. وحسب تصنيف دوكنز ستكون النكتة وحدة من الميم التى تمثل إحدى خصائص المجتمع المصرى. وبالتالى كما للجين من صفات محددة يصبح للميم ظواهر فى ثقافة المجتمعات، منها على سبيل المثال الإتقان والانضباط والأمانة والنميمة والفهلوة أو الضوضائية.

وفى تقديرى، هناك ثلاثة قوى ثقافية أساسية تحدد إمكانية أن يكون المجتمع بنَّاء:

الأولى: قوة المعرفة، وهى تتمثل فى التعليم والبحث العلمى. فلا توجد ثقافة تستطيع أن تصنع تأثيرا أو تبنى حضارة لها قيمة إلا إذا كان لديها قوة التعليم والبحث عن المعرفة . وهذا ما حققتة مصر من آلاف السنين بإنجازاتها فى العمارة والفلك والكيمياء وغيرها من العلوم والتكنولوجيا. ومن المفارقات أن الوزارة المعنية بالمعرفة فى مصر كان اسمها فى السابق وزارة المعارف ولكن اسمها الآن تحول إلى وزارة التعليم.

الثانية: قوة الحكم الرشيد، والتى تضمن العدل والحرية والكرامة الإنسانية. مثل هذه القيم حين تتوافر تمثل قوة سياسية مهمة للشعوب، وهى التى توقد الحماس للعمل وتولد الشعور بالولاء.

الثالثة: قوة المناخ والموارد الطبيعية، وهناك اجتهادات عديدة فى ذلك المجال. ويذهب «جاراد دايموند» للاعتقاد بأن قوة الحضارة تأتى وتذهب نتيجة لتأثير المناخ الطبيعى من مياه وتربة وكذلك عدد السكان وطبيعة بعض النزاعات. والموارد الطبيعية قد تفيد الأمم بالثروات المتاحة وقد تؤدى إلى عادات الكسل وثقافة التواكل فى بعض الشعوب.

إن محصلة القوة العامة لأى ثقافة هى محصلة القوى الثلاث، وكل دولة تحاول أن تحوز من ركائز القوى الثلاث التركيبة التى تريدها أو تستطيعها. لقد ركزت الصين مثلا على قوة التعليم والبحث العلمى، أما الولايات المتحدة فقد ركزت على قوة الحكم وحرية الفرد فى الإبداع، فيما ركزت دول الخليج على قوة الموارد الطبيعية حيث كانت التربة مناسبة لاستخراج البترول والغاز.


المعرفة وتحديات العصر
إن المعرفة تمثل أهمية فائقة فى عالم اليوم وستظل تمثل الأهمية ذاتها فى عالم الغد. فى التاريخ الإنسانى كان للتقدم سمات مميزة، ففى عصر الثورة الزراعية التى وقعت من قديم الزمان كان الاعتماد الأكبر على البنية الجسمانية «العضلات». أما فى عهد الثورة الصناعية فإن الاعتماد الأكبر كان على «المهارات» الفردية التى كانت أساسية لدفع عجلة التصنيع.. يشغلون القطارات والمحركات. إن العالم الذى نعيش فيه الآن قوته الأولى هى قوة المعرفة، قوة «العقل» البشرى. وإذا لم تتوافر لدينا قوة العقل لن نستطيع أن نكون على خريطة القرن الواحد والعشرين.

قوة العقل البشرى هى حجر الزاوية لكل الثقافات ولكن هذا لا يعنى أن الثقافات متماثلة أو يجب أن توحد، فهى فى مصر غير التى فى أيرلندا غير التى فى الصين. لذلك أعتقد أنه لا يجب فهم نظرية توماس فريدمان حول أن «العالم مسطح»، على أن الثقافات سواسية فى عصر العولمة.. الثقافات تختلف والحواجز قائمة. المصالح هى التى يمكن أن تدفع للتفاهم والترابط والتقدم. إن بلورة استخدام العقل البشرى فى أحسن صوره لن يكون ممكنا إلا إذا كانت هناك بيئة معرفية وتفكير علمى وإيمان مبنى على التنوير والاجتهاد.

التحديات فى «عصر العلم» كثيرة، ولكن الآمال والفتوحات الممكنة تجعل إنسان هذا القرن فى أزهى عصور التقدم. إن العلماء مهتمون بأشياء كثيرة ولكننى سأختار هنا ثلاثة نماذج من الفتوحات الجديدة فى جامعة «كالتك» التى أعمل بها:

ــ الرصد والتحكم فى العالم غير المرئى. يتجه العالم الآن لرؤية أشياء لم يرها من قبل، من الذرة إلى الخلية، وقد انتهينا مع المجموعة البحثية فى مركز دراسات التكنولوجيا فائقة السرعة والذى أقوم بإدارته بعمل «ميكروسكوب رباعى الأبعاد»، والذى تم منحه براءة اختراع عالمية عام 2006. هذا الميكروسكوب الإلكترونى يمكن عن طريقه رصد سمك شعرة الإنسان وتكبيرها مليون مرة، وترى الحركة الفعّالة فى أقصر زمن ممكن لتفهم ما الذى يحدث فى المادة، ما الذى يحدث فى البروتين والخلية؟ كلها أسئلة إذا أمكنت الإجابة عنها سوف تؤدى إلى اكتشافات جديدة فى النانو تكنولوجى والبيولوجيا الإنسانية والطب.

أما بالنسبة للرصد على المستوى الكونى.. العالم متناهى الكبر، فقد أنجزت جامعة كالتك «تليسكوب» مصمما بحيث يكون قطر العدسة ثلاثين مترا. وسيتكلف هذا التليسكوب مليار دولار. وقد منح «جوردون مور» أحد خريجى جامعة «كالتك» ورئيس شركة «إنتل» المعروفة 20% من تلك التكلفة.

إن جوردون مور لا يعبث بأمواله بهذا التبرع، بل هو يتمنى أن يرى ما الذى تستطيع جامعة «كالتك» أن ترصده فى الكون. إن هذا التيلسكوب سيجعلنا ــ لأول مرة ــ نرى كواكب ومجرات تأخذنا «للوراء فى الزمن» على الأقل عشرة مليارات سنة من اليوم. وهذا ليس ترفا علميا، وإنما سعى جاد من أجل اكتشاف كواكب جديدة وإقامة مستعمرات جديدة فى الفضاء يتم التحكم فيها. فعلى سبيل المثال هم يحاولون معرفة ما إذا كانت هناك حياة على المريخ أم لا، وعما إذا كانت هناك موارد وقودية جديدة على الكواكب الأخرى.

ــ الوعى والحياة. يحاول العلماء أن يفهموا طبيعة الوعى وأن يحاولوا التحكم فيه.. ان المخ يحتوى على مليارات «النيورونس» وهى خلايا عصبية «تطفئ» و«تضىء»، وعن طريقها تستطيع أن تقوم بأى حركة ميكانيكية أو فكرية عندما ترى أو تسمع أو تلمس أو تتحدث. كيف يحدث هذا وكيف ينتج الوعى؟.. وما تأثير الجين والبيئة على صحة وسلوك الإنسان؟

إن الخطأ الجينى الواحد يمكن أن يسبب مخاطر عديدة، ومرض السرطان ناتج هذه الأخطاء. نحن لم نفهم إلى الآن الآلية التى يعمل بها وبالتالى الطريقة التى يتم التعامل بها مع هذا المرض. وقد تم منح أكثر من جائزة نوبل لعدد من العلماء الدارسين لهذه الآليات، ولكننا نريد أن نكشف لماذا يختلف سرطان الصدر عن سرطانات الثدى أو الدم أو البروستاتا أو غيرها. إن بعض العلماء مثل مارك ديفيس بجامعة «كالتك» يبحثون الآن فى «خدمة توصيل الأدوية» إلى الخلية المريضة دون الأخرى. أى أنه يمكننا توصيل دواء معين إلى هذه الخلية المريضة دون أن يصل إلى خلايا مجاورة سليمة. وهناك أبحاث أخرى داخل وخارج كالتك تتناول أنواع السرطانات المختلفة، ومنها الطريقة الجديدة لاستخدام حبّات من ذرّات الذهب والتى قدمها الصديق العالم مصطفى السيد لنزع بعض الأورام من الفئران.

ــ المعلوماتية والخصوصية. لى زميل يدعى «جيف كمبل» يعمل على تقنية تسمى «كوانتم إنترنت»، وفى الوقت الذى نكون فيه ــ نحن وغيرنا من الشعوب ــ سعداء بفكرة شراء أجهزة كمبيوتر يفكر العلماء فى استخدام تقنيات معتمدة على فكرة جديدة هى «الكوانتم إنترنت». وتعنى استخدام الكمبيوتر بدون أسلاك، لا فى البحار ولا فى غيرها. سيأخذون معلومات عن طريق ذرات يتم إعطاؤها للضوء، وبعد ألوف الكيلومترات تبث مرة أخرى إلى ذرات أخرى. هذا الضوء بالطبع لايحتاج إلى أسلاك تقليدية، وتلك التجارب تم البدء فيها وسيكون لها دور خطير ليس فقط بسبب السرعة الهائلة لنقل المعلومات، ولكن هناك شيئا آخر مهم هو الخصوصية لمستخدمى الإنترنت والتى لا توجد فى شبكة الإنترنت المستخدمة حاليا. هذا بجانب تطوير البرمجيات ــ نسبة إلى الخوارزمى ــ لتصل إلى دور التحليل واتخاذ القرار كما تفعل جوجل على سبيل المثال.

قد يقول البعض إن هذا الكلام رفاهية، وأن علماء «كالتك» يكتشفون أنهم فى بلد متقدم وغنى. ولكن هذه رؤية قصيرة النظر، لأن التقدم ليس رفاهية. وكل الشعوب التى ستفكر بتلك الطريقة لا يمكن لها أن تبنى ثروات.. لا فكرية ولا اقتصادية ولا علمية. فقد ثبت أن هناك علاقة طردية بين الاكتشافات العلمية والاقتصاد.. بل وبقاء الشعوب أيضا. فالدفاع هو أساس بقاء الشعوب، واليوم عن طريق التقدم فى علوم الجين على سبيل المثال يمكن عمل فيروس أو بكتيريا لإحداث تدمير شامل، ويكفى أن نعرف الرعب الذى حدث نتيجة انفلونزا الطيور والآن إنفلونزا الخنازير ، وعن طريق الابتكارات الهائلة فى علوم الآليات والذكاء الاصطناعى يمكن إيذاء العدو باستخدام جنود صناعيين، بحيث لا يكون مطلوبا الوجود فى الميدان وإنما هناك «روبوت» و«سيارات طائرة» تحارب العدو. هذا بالإضافة للتقدم فى علوم وتكنولوجيا الطاقة النووية التى أصبحت عنصرا مهما فى الصراع السياسى فى المنطقة.


ما العمل؟
فى الماضى ازدهرت الحضارة العربية والإسلامية بالرؤية الواضحة والتقدم العلمى. وقد قرأت أخيرا كتابا أمريكيا يقول إن من أهم صفات الحضارة الإسلامية فى الأندلس كان الالتزام بالرؤية والعدالة، فكلمة القاضى كانت فوق كلمة الحاكم والقانون كان فوق الجميع.

إن وضع العالم العربى على الخريطة العالمية الآن واضح لنا جميعا. إن العالم العربى يحتاج إلى مشروع للنهضة. فالوضع الذى نحن فيه لايحتاج إلى مسكنات، وإنما إلى علاج كامل سيؤدى بنا فى النهاية إلى نهضة حقيقية. نحن فى أمس الحاجة إلى جهاد جديد، وقد كتبت فى مقالة نشرت فى صحيفة «الإندبندنت» البريطانية وتحمل العنوان ذاته

We Arabs Must Wage a New Form of Jihad

أؤكد فيها على أن أسس أى نهضة فى العالم العربى لا تقوم إلا على الدستور والحكم العادل وتطبيق القانون على الجميع، وتحديث العلم والثقافة مع الحفاظ على الهوية والعقيدة والقيم. ولايمكن أن يحدث رخاء اقتصادى أو احترام سياسى للأمة إلا إذا كان هناك تقدم فعلى ومنضبط.

إن المثقفين عليهم مسئولية وطنية وقومية كبرى. لقد علمنا التاريخ أن صناعة الحضارات تكتمل بجهود المثقفين، الذين هم فى طليعة المجتمع، وأيضا بالمشاركة الشعبية الحقيقية التى تلتف حول قيادة لديها رؤية للتقدم. لذلك فالمثقفون فى مصر والدول العربية عليهم مسئولية أكبر فى هذه الفترة الصعبة من تاريخ الأمة.

إن عشوائيات الفكر وفساد المال والسلطة وتراجع القيم والأخلاق تعوق طريق النهضة. وسوف نبقى على الحال الذى نحن عليه ما بقى كثير من المثقفين يعيشون فى ماضى التاريخ والأيديولوجيا والشخصانية. إن نزاهة الكلمة والذات قوى لا يستهان بهما.

تحتاج مصر اليوم إلى صناعة المستقبل، ونحن فى أمس الحاجة إلى عودة الضمير وعودة الروح. «إن أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل أن تصنعه». وعندما تكتمل ثورة الفكر فى المعرفة والثقافة والعمل السياسى ليس عندى أدنى شك أن مصر قادرة على بناء الثروة وصناعة المستقبل.

المصدر: صحيفة الشروق